الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

قصيدة ما أستبعد الحرص من له أدب - الشاعر أبو العتاهية

مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ
أبو العتاهية

-----------------------------------
مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ ***** للمَرْءِ في الحِرْصِ همّة ٌ عَجَبُ
للّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ  ***** فِي جمعِ مالٍ مَا لَهُ أدَبُ
مَا زالَ حِرْصُ الحرِيصِ يُطْمِعُهُ ***** في دَرْكِهِ الشّيءَ، دونَه الطّلَبُ
مَا طابَ عيشُ الحريصِ قَطُّ ولاَ ***** فارَقَهُ التّعسُ مِنْهُ والنّصَبُ
البَغْيُ والحِرْصُ والهَوَى فِتَنٌ  ***** لم يَنْجُ عنها عُجْمٌ ولا عَربُ
ليَسَ على المَرْءِ في قَناعَتِهِ  ***** إنْ هيَ صَحّتْ، أذًى ولا نَصبُ
مَن لم يكِنْ بالكَفافِ مُقْتَنِعاً *****  لَمْ تكفِهِ الأرْضُ كلُّهَا ذَهَبُ
مَنْ أمكَنَ الشَّكَّ مِنْ عزِيمتِهِ ***** لَمْ يَزَلِ الرأْيُ مِنْهُ يضْطَرِبُ
مَنْ عَرَفَ الدَّهْرُ لمْ يزلْ حذراً ***** يَحذرُ شِدَّاتِهِ ويرْتقِبُ
مَنْ لَزِمَ الحِقْدَ لم يَزَلْ كَمِداً  ***** تُغرِقُهُ، في بُحُورِها، الكُرَبُ
المَرْءُ مُستَأنِسٌ بمَنْزِلَة ٍ ***** تُقْتَلُ سُكّانُها، وتُستَلَبُ
والمرءُ فِي لهوهِ وباطِلِهِ ***** والمَوْتُ مِنْهُ فِي الكُلِّ مقتَرِبُ
يا خائفَ الموتِ زالَ عنكَ صِباً ***** والعُجْبُ واللّهْوُ مِنكَ واللّعِبُ
دارُكَ تَنعَى إلَيكَ ساكِنَهَا  ***** قَصرُكَ تُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ
يا جامِعَ المالِ منذُ كانَ غداً ***** يأْتِي عَلَى ما جمعتَهُ الحرَبُ
إيَّاكَ أنْ تأْمَنَ الزَّمَانَ فَمَا ***** زالَ عَلَيْنَا الزّمانُ يَنْقَلِبُ
إيَّاكَ والظُّلْمَ إنَّهُ ظُلَمٌ *****  إيَّاكَ والظَّنُّ إِنَّهُ كذِبُ
بينَا تَرَى القَوْمَ فِي مَجَلَّتِهِمْ ***** إذْ قيلَ بادوا، وقيلَ قَد ذَهَبُوا
إنِّي رأَيْتُ الشَّرِيفَ معتَرِفاً  *****  مُصْطَبِراً للحُقُوق، إذْ تَجِبُ
وقدْ عَرَفْتُ اللِّئامَ لَيْسَ لهمْ ***** عَهْدٌ، ولا خِلّة ٌ، ولا حَسَبُ
احذَرْ عَلَيْكَ اللِّئامَ إنَّهُمُ  *****  لَيسَ يُبالُونَ منكَ ما رَكِبُوا
فنِصْفُ خَلْقِ اللِّئامِ مُذْ خُلِقُوا ***** ذُلٌّ ذَليلٌ، ونِصْفُهُ شَغَبُ
فِرَّ مِنَ اللُّؤْمِ واللِّئامِ وَلاَ  ***** تَدْنُ إليْهِمْ فَإنَّهُمْ جَرَبُ

هناك تعليق واحد: